الأربعاء والخميس 18-19/4/2007م: فهرسة عملية
الحلقة الثانية الساعة 11 ص من يوم الخميس:
محاضرة للدكتور عمر عبدالسلام التدمري
المحاضر في سطور:
· لبناني من طرابلس
· أستاذ التاريخ الإسلامي
· حائز على وسام المؤرخ العربي
· عضو المؤرخين العرب
· مشرف على كثير من رسائل الماجستير والدكتوران في كثير من الجامعات العربية.
· نشر عنه أكثر من (300) بين مقال ودراسة وكتاب.
· مؤلفاته وتحقيقاته:
- موسوعة علماء المسلمين اللبنانيين (لا أضبط العنوان بالتحديد)
- تحقيق تاريخ الإسلام للذهبي (أكبر عمل قام به في حياته) وسأكتب عنه بعد أسطر.
- تحقيق المقتفي على كتاب الروضتين في 3 مجلدات وغيرها كثير.
عنوان المحاضرة: تجربتي في التحقيق
من محاسن الصدف التي وقعت للدكتور هو انه عندما كان صغيرا كان مولعا بحب بلاده طرابلس وكان يسجل معالمها التراثية القديمة والحديثة كان ذلك في عمر الخامسة عشرة سنة كان يسجل ذلك في دفتر يحتفظ به، فعندما كان يبحث في بحثه علماء طرابلس بلبنان بحث عن مخطوط في دار الكتب العلمية لا أذكر – أي أنا – مؤلفها وكانت هي أول مخطوطة تقع في يده ليقرأها وكان حجمها كبيرا فقال في نفسه كيف لي أن أقرأ كل هذا، فبدأ بالمقدمة وأخذ يسترسل في القراءة وفي المكتبة كل الناس مهتمة بقراءتها وبحثها في هدوء تام يصرح هو بصوته: (يااا الله) لتلتفت الناس إليه وفي رأس كل موجود في المكتبة علامة استفهام كبيرة: ما بال الرجل؟! فعل ذلك لأنه وجد ما فعله هو من استقصاء لمعالم طرابلس أن ذلك المخطوط القديم قد سبقه ليسحل نفس ما سجله هو في دفتره عندما كان صغيرا ليتبين له أن ما قام به ليس عملا طفوليا.
ذكر لنا تاريخ طرابلس اللبنانية وأن تاريخها قديم جدا وعن علمائها وبأن فيها مكتبة كانت تعد من أكبر المكتبات الإسلامية والعربية في العالم، وذكر لنا حرب المغول لطرابلس وللوطن العربي والشام وكانت تحوي المكتبة فبل تدميرها من قبل المغول على 3 ملايين مخطوط.
والمتأمل في تجربة الدكتور التدمري على حسب ما رواه لنا لا يسعه إلا أن يقف وقفة إجلال لهذا الرجل لأن ما قام به لا يستطيع أن يقوم به عشرات الرجال فيكفيه فخرا وذخرا وعلما تحقيقه كتاب تاريخ الإسلام للذهبي من 52 مجلدا ولكل مجلد 30 فهرسا استغرق في تحقيقه 16 سنة بدأ فيه من سنة 1978م.
كان يرتاد مكتبة دار الكتب بمصر من 8ص إلى 8م أي 12 ساعة لا يخرج منها إلا عند إغلاقها ويأتي قبل أمين المكتبة في الصباح، قرأ كل الكتب المتعلقة بالتاريخ والتراجم، قرأ تاريخ دمشق وابن عساكر ذي المجلدات أكثر من مرة ومرتين.
حكى لنا تجربته في تحقيق تاريخ الإسلام وذلك عندما وصله الكتاب من أحد المهتمين بدور النشر في دمشق، وكان تحقيقه الكتاب في زمن كانت الحرب في أوجها حيث سكن بيروت بعد أن سافر أهله عنه فسكن في بناية من 10 طوابق العمارة كانت خالية في الناس لأنها كانت في وسط بيروت كان ذلك في بداية التسعينيات وكان يحقق الكتاب مع دوي الصواريخ، ويقول: بأنه سكن الطابق السابع وطبعا لا ماء ولا كهرباء وكان يجلس على طاوله تحيط بها الكتب لأنه إذا حصل قصف للعمارة يكون قد مات بين الكتب ويضيف (مثل الجاحظ) وهو يضحك.
ومن القصص كذلك أن صاحب دار النشر الذي طلب منه تحقيق تاريخ الإسلام خاف على تأخر الكتاب بسبب التحقيق فأخبر الدكتور عبدالسلام هارون ليكون مشتركا مع الدكتور التدمري حتى يتم تحقيق الكتاب بسرعة ويتم نشره فضرب له موعدا لمقابلة الدكتور عبدالسلام هارون وأحضر معه ما استطاع انجازه وهو ثلاثة أجزاء من كتاب تاريخ الإسلام ليعرضها على الدكتور ليكون المنهج موحدا، فأخذ عبدالسلام هارون يطالع ما حققه التدمري، فسأله سؤالا: كم من المدة تقضيها لتحقيق جزء واحد؟ قال: أقل من شهرين، فالتفت عبدالسلام هارون إلى صاحب دار النشر وقال له: ما ينجزه التدمري في شهرين أنجزه أنا في سنتين فهل أنت موافق؟! فاستمر التدمري في تحقيقه واستمر فيه كما قلنا 16 سنة.
السبت 21/ 4: فهرسة عملية
في هذا اليوم اختلفت الفهرسة حيث تعاملنا مع المخطوطات الأصلية لفهرستها فهرسة معتمدة بحيث يكتب اسم المفهرس في فهرسة المخطوط الذي قام بفهرسته.
وفي تطبيقنا العملي وجدنا متعة حقيقية في العمل لأن الشخص الباحث عندما يتوصل إلى ما يريد يحس بمتعة حقيقية فكذلك المفهرس لأن الفهرسة تحتاج لطول بال لأنك لابد أن تضبط عنوان المخطوط من مقدمة المؤلف وكذلك ضبط المؤلف والرجوع إلى الأعلام للزركلي وإلى كشف الظنون لحاجي خليفة والمختص بالكتب المؤلفة وكتب التراجم الأخرى لكي تضبط العنوان والمؤلف، ثم تفهرس باقي البيانات فكنت أظن أن الفهرسة بسيطة وأن أي شخص يمكن أن يفهرس، فاستفدنا كثيرا من التطبيق العملي ونحاول تطبيقه في المكتبات معنا بإذن الله.
ومن الشيء الجيد في هذا اليوم (فهرسة المخطوطات الأصلية) وكان معظم المخطوطات التي سنقوم بفهرستها إباضية من عمان وثلاث منها أنا أحضرتها من أحد الأصدقاء ومعظمها من مكتبة الشيخ سالم بن حمد الحارثي رحمه الله، فكانت هي فرصة ليتعرف المشاركون على تراث المذهب الإباضي ويفتشوا في تراجمهم من خلال كتاب إتحاف الأعيان ودليل أعلام عمان والإطلاع على منهجهم القديم في التأليف وعلى الموسوعات الفقهية الكبيرة مثل بيان الشرع للشيخ الكندي القرن الرابع الهجري، وقاموس الشريعة للشيخ السعدي في القرن الحادي عشر وغيرها من الكتب.
واتضح أن من المشاركين من لا يعرف المذهب الإباضي وبعضهم يعرفه وزادت حصيلته العلمية من خلال هذه الجولة في الفهرسة.
الأحد 22/4: جولة في دبي
1- زيارة مركز ابن بطوطة
2- زيارة بيت الشيخ سعيد آل مكتوم وهو جد محمد بن راشد حاكم دبي.
كانت الرحلة غاية في الروعة من حيث التنظيم ومن حيث المشاركين حيث كان المشاركة من معظم المشاركين، فكانت بدايتنا من المركز بمشاركة معظم الدكاترة من قسم المخطوطات [د.عمار نائب رئيس قسم المخطوطات، د. محمد كمال، د.هادي ، د.شهاب]، وكان برقتنا أيضا الدكتور أنس وهو المسؤول عن تنظيم هذه الدورة فجزاهم الله خيرا فكانوا غاية في الطيب والتواضع والمعرفة.
انطلقنا مباشرة إلى مركز ابن بطوطة التجاري، وهو مركز كبير جدا فعندما تدخله تحسب نفسك أنك دخلت قرية كبيرة بأكملها بل ولاية، ويتميز هذا المركز بتقسيمه على دول العالم فتجد الساحة الهندية والساحة الصينية والتونسية والمصرية والمغربية والأندلسية وغيرها وفي كل ساحة تجد المنتوجات الخاصة بكل دولة.
فهذا المركز يعتبر أكبر مركز تجاري في الوطن العربي على حسب ما سمعت، ويحتوي كذلك على الموروثات التاريخية فالشخص الداخل فيه يجد اللوحات التاريخية والالكترونية التي تشرح لك الحياة القديمة ولوحات تتحدث بلغات عدة عن ابن بطوطة وجولاته في العالم، وعلى الأدوات المستخدمة في البحار وفي رصد الوقت والاتجاهات، فهو حقا مركز جميل وعسى أن تكون لنا زيارة خاصة له لأن ساعة واحدة لا تكفي بل وحتى عشر ساعات لا تكفي.
ثم بعد ذلك ذهبنا إلى بيت الشيخ سعيد آل مكتوم القديم منذ الخمسينيات وهو بيت يقع في مكان استراتيجي حول البحر وهو بيت قديم حوفظ على تراثه القديم وأضيفت إليه الصور فأصبح معرضا يزار من كل أنحاء العالم.
والتقينا فيه عبدالله المطيري مدير البيت التراثي (بيت الشيخ سعيد) فهو إنسان كريم وما شاء الله يملك الكثير من المعلومات القديمة فهو متخصص في العملات القديمة والطوابع القديمة، حدثنا عن العملات العمانية فقال بأنها كانت قوية ومعبرة وكذلك طوابع أبو ظبي لأن حكام أبو ظبي (آل نهيان) كانوا يتابعون الطوابع بعكس الفجيرة فكان المسؤول عن الطوابع نصراني فكانت طوابعها تعبر عن مناسبات النصارى ويرسم مريم العذراء، ومن المضحك أنه عمل طابع للفجيرة في زيارة البابا لإحدى الدول الشرق أسيوية.
فالمطيري عمل في وزارة التراث العمانية للتنقيب عن التراث العماني في ولاية بوشر على حسب ما أخبرنا في جلسة قصية جلسناها معه وخلال تجولنا في البيت.
فالغريب أن تجد الأخوة الإماراتيين يهتمون كثيرا بالتاريخ العماني من تحقيق وتأليف منها كتب الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة، والدكتور حسن النابودة محقق كتاب كشف الغمة، ويمكن ذلك لأن الإمارات قديما كانت عمان حتى أنك تجد الصور القديمة لحكام دبي مثل الشيخ سعيد جد محمد بن راشد حاكم دبي الحالي (ملابسهم عمانية – تحمل الفريخة وبعضهم يسميها الفرفوشة وغيرها)، لكن الإمارات الآن سابقة الدول المدن الكبرى في العالم من حيث العمران وخاصة دبي والآن تبنى أبراج كثيرة في مكان واحد وما يسمى بدبي الجديدة ويبنى من بينها أكبر برج في آسيا ويقال أنه أكبر من أبراج كوالالمبور عاصمة ماليزيا
.
والحلقة القادمة وهو يومي (الأربعاء والخميس 25-26/4 ) ستكون بإذن حول منهج تحقيق النصوص ومع الدكتور سامي العاني.